آخر المقالات

غزة ليست لصناعة الازمات ... ومصاعب ادارتها

غزة ليست لصناعة الازمات ... ومصاعب ادارتها  
بداية نكرر الرحمة للشهداء الابرار الاكرم منا جميعا .. وتمنياتنا بالشفاء العاجل لكافة الجرحى الابطال ... كما التمنيات الدائمة لشعبنا العظيم بالوحدة والتماسك والصلابة وتعزيز مقومات صموده .
دائما نعود لنكرر ان غزة الابية جزءا من الوطن الفلسطيني ... وجزءا من المسؤولية الوطنية والتاريخية لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد ... والتي تمثل الشرعية الوطنية الفلسطينية السياسية والقانونية والادارية والأمنية من خلال السلطة الوطنية الفلسطينية ..... التي جاءت بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني في اطار اتفاقية اعلان المبادئ في سبتمبر من العام 1993 .
من خلال هذه الدباجة المعروفة والمتعارف عليها ... وطنيا سياسيا وتاريخيا  فكل ما يمكن ان يقال ... وما يخرج على السنة البعض ... لا يصل الي حد الاستماع ... او مجرد التفكير ... او حتى امكانية التعاطي ... لان غزة ليست ملكا لفصيل .... ولا حتى لكافة الفصائل .
صناعة الازمات مسألة سهلة ومتاحة وممكنة ... لكن ادارة  الازمات وايجاد الحلول العملية لها تبدو مسألة صعبة وغير متاحة .. وتثبت الايام ان من يصنعون الازمات ...  قد فشلوا في ايجاد الحلول لها ... او حتى ادارتها
غزة لها اهلها وشعبها .. تاريخها وثقافتها .. احياءها وحاراتها ... عائلاتها وقبائلها ... عمالها وفلاحيها ومثقفيها ... والمهنيين بها وبكافة التخصصات .. كما فيها عشرات الالاف من الشباب الواعد من العاطلين عن العمل .
شعب غزة جزءا من الشعب الفلسطيني ... له مميزاته وسماته وصفاته ... باعتباره من اكثر المناطق كثافة بالسكان ... كما يعتبر من اكثر المناطق بمعدل نسبة التعليم ... كما تعتبر من المناطق الاكثر  سوءا بأحوالها وظروفها المعيشية من خلال ازماتها المتفاقمة وكوارثها المتلاحقة .
غزة لها تاريخ أطول واعظم ألاف المرات من المروجين ... والمصرحيين حولها ... وعن مصيرها .
غزة ترتبط مصيريا بحتمية التاريخ بالوطن الفلسطيني وبشرعيته الوطنية ... ولا يجوز ... كما لا يحق لاحد ... ان يتحدث خارج  هذا السياق الوطني التاريخي السياسي ... المتعارف عليه ... والمثبت بكافة المحافل والمؤسسات العربية والاقليمية والدولية .
غزة تتعرض لحرب نفسية ... اضافة الى حروب عدوانية استمرت على مدار 11 عام .... والى عدوان مستمر ومتواصل منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية .
تم فيها تدمير كافة المؤسسات والوزارات والمرافق الحيوية .. بهدف اعاقة مسيرة السلطة واحداث الارباك والاختلافات ما بين احتياجات المواطن والامكانيات المتوفرة ... في ظل تدمير وتهالك البنية التحتية والخدمات المتعارف عليها .
فلسفة عدوانية احتلالية ... كانت ولا زالت قائمة على صناعة الازمات ... وللاسف الشديد يعمل البعض منا على زيادتها .... وتفاقمها ... وبالمحصلة النهائية كان المشهد الداخلي بأسواء احواله .
غزة أكبر من كافة الفصائل ... وحتى القادة .. ومن يسمون انفسهم بصفات لا حقيقة لها ... ولا ارضية تحكمها ... ولا شرعية يمكن ان تغطيها .
غزة كما رام الله ونابلس والخليل ورفح وحتى جنين .
غزة كانت البداية والحكاية والتاريخ .. ولن تكون غزة النهاية ..... كما يتمنى الاعداء ... وكما يمارس على ارضها ... وما يجري لاهلها .
الا ان غزة لا تحل بالشعارات .... ولا بشعر شاعر ... ولا بقلم كاتب ... ولا بتصريحات نارية لناطق هنا وهناك .
يبدو ان هناك استسهال للكلام والتصريح عن الفعل الملموس ... والجهد المطلوب .... والارادة الملزمة .... لان هناك جهل وتجاهل لتاريخ غزة واهلها ... كما يبدو حتى اللحظة ان هناك استغلال لمعاناة اهلها لحسابات فصائلية ضيقة .... تخدم أجندة خاصة ... وليس اجندة وطنية عامة .
غزة عندما نتحدث عنها .. تتحدث عن تاريخ القضية .. وعن مسيرة الثورة والمنظمة والانتفاضة الاولى ... تتحدث عن اول سلطة وطنية انطلقت من خلالها النشيد الوطني وحرس الشرف والعلم ... غزة كانت البداية  لافتتاح ممثليات وقنصليات وسفارات عربية ودولية ... على غزة واليها كان الحجيج والزيارات والمودة .... فماذا حدث ؟؟ ولماذا يحدث عكس ما كان ؟؟
الجواب واضح ... والواقع يتحدث عن نفسه ... والتصريحات التي نسمعها تسر كل عدو ... ولا تفرح أي منا ... قلنا ان غزة ليست ملعبا للتلاعب بها وبأهلها .... كما قلنا لا يحق لاحد التحدث بأسمها .... الا لمن يمثل الشرعية الوطنية ومؤسساتها .
ليس الحق لاي فصيل سياسي ان يتحدث عن غزة .. ويحدد مسارها واقعها ومستقبلها .. لكن ما يحدد خارطة الواقع وافاق المستقبل ..... أهلها وفصائلها مجتمعة ... في اطار مؤسسات الشرعية الوطنية والسلطة الوطنية وحكومة التوافق ومرجعيتهم جميعا منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد ... ونحن نقترب من عقد المجلس الوطني الفلسطيني لترتيب الاوضاع الفلسطينية الداخلية ... واختيار قيادات جديدة لرئاسة المجلس الوطني وللجنة التنفيذية .
صحيح ان مؤسسات المنظمة تحتاج الى اصلاح ... والى ضخ دماء جديدة ... لكن الصحيح ايضا ما يحكم الواقع ومتطلباته .. وعدم الانتظار لسنوات حتى يتفق هذا  الفصيل مع ذاك الفصيل ... فالمسيرة يجب ان تستمر ... فمن اراد ان يسير بداخلها فأهلا وسهلا ... ومن اراد الانتظار على محطة الانتظار والترقب لاحداث متغيرات يمكن ان تكون لصالحه حسب اعتقاده سينتظر طويلا .... ولن يتحقق له النتائج التي يرغب بها .
هناك الكثير من الجهل والتجاهل لحقيقة ما يجري ... ولحقيقة اوضاعنا الاقليمية والدولية ... وهذا لا يسجل بحسابات السياسة عند البعض .. لكن الحقيقة ان السياسة لها حساباتها الدقيقة .... ولها مقوماتها ... كما لها ادواتها ... وليست السياسة تعبيرا عن حالة فوضى وتصريحات متناقضة وتقلبات .... ما يبن تصريح الصباح والمساء وما بين فلان وعلان .
أقول ان غزة حاضنة الشرعية الوطنية ... وأن اهلها مع الشرعية ... ولا يمكن لغزة ان تخرج عن تاريخها الطويل والمستمر منذ عقود طويلة .
غزة التي نعيش فيها خرجت الجماهير لاسقاط مشروع التوطين والتدويل في خمسينيات القرن الماضي .... كما خرج منها وعلى ارضها جيش التحرير الفلسطيني ... كما كانت الارض التي انطلقت منها معظم القوى والاحزاب والافكار السياسية  ... كما كانت غزة بمجموعاتها الفدائية والمقاومة منذ مطلع الخمسينيات وعلى مدار عقود طويلة وحتى الان ... فالمقاومة ليست مستحدثة ... وليست جديدة على تاريخنا الوطني ... بل ان مسيرتنا الكفاحية سقط على دربها عشرات الالاف من الشهداء والجرحى والاسرى ...  لكل هذا  ومن اجل هذا ... فأن لغزة قبلة واحدة ... وشرعية واحدة  ... وعنوان واحد .
غزة واهلها يعرفون مصالحهم ... وكيف يحددون مسارهم ... وكيف يحسبون حساباتهم ... صحيح ان غزة تعاني من ازمات عديدة ... وكوارث متفاقمة ... لكن الصحيح ايضا .... وما يجب ان يكون بحسابات السياسيين ...ان غزة تقدر الموقف .... ولا يمكن ان تتهرب ... كما لا يمكن ان تخرج عن السياق الوطني للشرعية الوطنية الفلسطينية .
لذا غزة واهلها وبرغم كافة الالام ... والاحزان .... والدماء التي تسيل ... وسقوط الشهداء والجرحى .... ستواصل عنوانها النضالي الوطني التحرري ... وستبقى على  عهدها لقادتها الاوائل الشهيد الرمز ياسر عرفات والشهيد الشيخ الجليل أحمد ياسين والشهيد الدكتور فتحي الشقاقي والشهيد الرفيق ابو على مصطفى .... وكافة شهداء ثورتنا المعاصرة وانتفاضتنا الباسلة .... وشهداء مسيرة العودة .
2 مليون مقاوم تحتضنهم غزة .... ويعيشون على ارضها ... كلا يقاوم بطريقته .... وبما يمتلك ..... العامل بمصنعه والتاجر بمتجره والفلاح بأرضه ... والطالب على مقعد دراسته والكاتب بقلمه والاعلامي بكاميرا الحقيقة حتى ولو كان شهيدا .
غزة لها منظوماتها وطبيعتها الفريدة من نوعها .... والتي اعتقد ان هناك الكثيرين ممن يجهلون طبيعة اهلها .... ويفسرون الصبر والصمود على غيرة حقيقته ومتطلباته .
يطلب من غزة على الدوام .... وغزة لا تطلب باستمرار ... غزة تضحي على الدوام .. ولا يقدم لها ما تستحق ... لان نضال اهلها لا ينتظرون من أحد منة او شفقة ... او حتى تصريح... لكن اهل غزة لا يقبلون على انفسهم ... ولا على غيرهم ... ان يتم التلاعب بمصيرهم ... وان يتم التعامل معهم وكأنهم بحظيرة عجول يتم التضحية بهم ... في كل مواجهة وفي كل منعطف .
الكاتب : وفيق زنداح

شكرا لك ولمرورك